لولو المانع
لولو المانع مهندسة مواقع و مصممة حضرية مهتمة بالمدن العربية والأماكن العامة في الخليج. تلقت دراستها في الجامعة الأمريكية في الشارقة وجامعة كولومبيا وتعمل حالياً في شركة عالمية للتصميم والتخطيط في لندن
لنبدأ حديثنا بنظرة عامة على مفهوم التصميم الحضري وتأثيره على حياتنا. كيف يمكن أن يؤثر التخطيط الحضري والتصميم المادي على المجتمع والهوية وما أهمية ذلك التأثير على تصميم الأماكن العامة لدينا؟
يمكن مقارنة التصميم الحضري الى الهندسة المعمارية ولكن على نطاق أوسع وأشمل فهو تصميم مدن بدلا عن مباني. فيمكن تعريفه على أنه عملية تطوير شكل ووظيفة المباني، والعناصر الطبيعية المحيطة بها، واستيعاب كيفية انسجامها مع الشوارع والأماكن العامة لتشكيل الأحياء والمدن
تؤثر جودة البيئة المبنية على حركتنا وتنقلاتنا. على سبيل المثال، إذا قدم المصمم الحضري المشاة ليضعهم كالعنصر الأساسي في قلب تصميمه للفناء العام، فسوف يتحول شكل منتجه إلى منتج مختلف تمامًا عما لو كان تصميمًا يرتكز على المركبات. القرارات التي يتم اتخاذها في عملية التصميم مهمة جدا لأنها تؤثر جذريا على نمط حياة المجتمع المخطط له، كصحتهم العامة، ومعدلات السمنة ، والشعور بالهوية والسلامة ، الخ. لذلك، يجب أن يكون المجتمع المحلي جزءًا أساسيا من عملية التصميم الحضري، ذلك لأنهم الأعرف باهتماماتهم واحتياجاتهم اليومية في مدينتهم
أفضل المشاريع اليوم هي تلك التي يكون فيها المصممون والمطورون منتبهين منذ البداية، ويراقبون المجتمع المحلي ويستمعون إليه ويفهمونه قبل اقتراح أية أفكار جديدة.أود أيضا أن أشير إلى أن التصميم الحضري والتخطيط الحضري مختلفان حتى و لو كانوا متشابكان. فإن التصميم مكاني وأكثر دقة بالتفاصيل المادية، في حين أن التخطيط يدور حول الصورة الأكبر، ويعالج الرؤى والتشريعات والاقتصاد والسياسة
لقد أحدث اكتشاف النفط ثورة في التطور الحضري والإعمار في شبه الجزيرة الصحراوية. كيف أثر هذا التحول على مدننا ومساحتها، وما هي الأنماط التي ظهرت بشكل أكثر هيمنة ولماذا؟
ساهم اكتشاف النفط في الخليج تسريع عملية التخطيط العمراني. ففي العادة النمطية، نرى أن المدن أنظمة بيئية عضوية، تنمو عادة بطريقتها الخاصة ، بناء على احتياجاتها الخاصة . ولكن إيرادات النفط تسببت في أحداث تضخم ثوري في حجم اقتصادنا وسكاننا
قبل النفط ، كان المجتمع السكني التقليدي في الخليج يتألف من أنظمة "مجموعات سكنية" (حارات) ، و كانت المنازل مبنية على الحافة لتحقيق أقصى قدر ممكن للاستفادة من الأراضي. تفصل الأزقة الضيقة هذه المنازل عن بعضها البعض ، وتربط تلك الأزقة السكان ببعضهم البعض إلى مرافق و اسواق المجتمع المجاورة. تم بناء تلك الأحياء بشكل عضوي يعتمد على استراتيجيات التبريد التقليدية التي توجه نسائم البحر إلى الحي. وتم بناء المنازل باستخدام مواد ترابية طبيعية مثل الطوب الطيني والأحجار المرجانية والخشب
في الستينات، بعد اكتشاف النفط ، اتجهت الرؤية نحو توفير أعلى مستويات المعيشة من خلال توفير فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية والإسكان. بذلك، تم استشارة مهندسين معماريين مختصين أجانب، بالإضافة الى مخططين عمرانيين وشركات البناء – يمكن ذكر شركة قسطنطين دوكسيادس في الرياض وجون إليوت وبراون وساكل في الإمارات – ذلك أدى إلى نمو وتضخم المدن و توسع الطرق والشوارع
مع النمو الاقتصادي ازداد عدد السكان و المبادرات لبناء المزيد من المساكن. كما زادت أحجام قطع الأراضي التي تم توفيرها، وكذلك أحجام المدن التي وسعت تلك الأراضي. بما أن العديد من مشاريع الإسكان كانت وسيلة لتوطين البدو، نتج أن العديد من المجتمعات السكنية الجديدة تركزت في الضواحي الأقرب إلى المناطق التي كانوا البدو يقطنون.ساهم ذلك الحدث في امتداد المدن. ومع زيادة وفرة مواد البناء، كبرت المنازل. توجه التخطيط من هنا نحو الحداثة والتأثيرات الأجنبية التي غلبت نحو التوجه إلى السيارات ووسائل النقل في تخطيطها الحضري. وجلب ذلك أيضا التوجه نحو استخدام المواد الماصة للحرارة مثل الصلب والخرسانة لبناء منازل مع وحدات تبريد مركزية للتعويض عن درجات الحرارة المرتفعة
طور هذا الامتداد العمراني المناطق ذات الاستخدام الفردي بذلك تقلصت مساحات السير والتفاعل. كلما كانت المدينة أكثر كثافة، ارتفعت معدلات التفاعل بين سكانها. و كلما زادت الأحياء ذات الاستخدامات المختلطة - حيث يوجد لديك مكتبة، وعيادة، ومكتب بريد، ومنزل في نفس الشارع - كلما كان المجتمع أكثر قابلية للمشي والتكامل ، وبالتالي أقل خصوصية
مع مرور الوقت غلبت لدينا الأحياء ذات الاستخدام الفردي و الكثافة المنخفضة البعيدة عن بعضها البعض. وبذلك، نتجت مستويات عالية من الخصوصية في مدننا. اعتقد ان هذا المنحى لم يكن مقصود ولا يمثل بالضرورة إرادة السكان بل ما هو متاح لهم. تشاهد جيل الألفية يشارك معظم - إن لم يكن كل - حياتهم على وسائل التواصل الاجتماعية. و باتت الخصوصية تعني القليل جدا. أتساءل عما إذا كان أكثرهم يشعر بالعزلة في منزله المنعزل وأسواره العالية، أهم ياترى يائسون للتفاعل والاتصال؟
لقد ذكرت وسائل التواصل الاجتماعي و تحديها لقيم الخصوصية المغروسة في ثقافتنا. هل بنظرك لذلك تأثير على تصميم مساحاتنا في المستقبل؟
لقد أعاد الإنترنت تعريف الطرق التي نرى و نستخدم بها المساحة الحضرية. فقد ازدادت صعوبة التمييز ما بين العام و الخاص سواء في المساحة الإلكترونية أم على أرض الواقع. وهناك المزيد والمزيد من أجهزة الاستشعار المتصلة بالشبكة مدمجة داخل المساحات المادية إما من خلال تقنيات GPS أو تتبع المواقع أو غيرها، ناهيك عن فيسبوك و تويتر و انستغرام حيث يتم يوميا نشر المواقع (لوكيشن) التي عادة ما تكون خاصة
أحد الأدلة الواضحة التي تصور تأثير الإنترنت و شبكات التواصل على الواقع، هو عزم بعض مطوري العقارات ، مثل شركة ميراس في دبي ، على تصميم "مدن انستغرامية". فأصبحنا نرى الألوان والعلامات التي كنا اعتدنا أن نراها سابقا في المناطق السياحية مرئية الآن في الشوارع والأحياء اليومية. و بقدر ما تم تصميم تلك الشوارع للمقيمين، تم تصميم بعض معالمها بالخصوص لغرض التصوير و شبكات التواصل. فوضع علامة الهاشتاغ كنحت في مكان عام على سبيل المثال، أو تنظيم الفنون و الرسوم على الشوارع كلها أجزاء من هذه الظاهرة
بنظري، أن أي مكان تم تصميمه لغرض التصوير بدلاً عن خدمة المستخدم يمكن وصفه بالتجاري و ينتج عن ذلك مساحة عامة ليست للعموم
إذا، بنظرك أن التصميم الحضري التجاري غلب على التصميم العملي في الآونة الأخيرة. و لكن ألا يمكن أن تؤدي تلك التجارية إلى تحسين نظرة الزوار والمقيمين إلى المدينة ، وبالتالي تحسين معيشتهم؟ دبي على سبيل المثال ، تتميز بمواقعها "الانستغرامية" التي يمكن التعرف والوصول إليها بسهولة. قد يبدو ذلك للبعض بأنه نمط حياة أعلى جودة بالمقارنة إلى المدن التي لا يتم عرضها في خلاصات الشبكات الاجتماعية؟
في حقيقة الأمر، إن التسويق التجاري مقابل الخبرة المعيشية الواقعية ليسا وجهين لعملة واحدة. كمصممة حضرية ، ما يهمني بالفعل، هو الصورة الحقيقية والصادقة للمدينة من منظور مقيمها، و سلاسة حياتهم اليومية وليس الصورة الشكلية في وسائل التواصل الاجتماعي. إذا تمت مطابقة كلتا الصورتين فسيكون ذلك رائعًا. ولكن في كثير من الأحيان لا يتوفر ذلك.فعلى سبيل المثال ، هل يجبر المقيم أن ينحصر في زحمة مرور ل30 دقيقة حتى يصل إلى شارع "انستغرامي" يبعد كيلومترا واحدا؟ سيكون لدينا اشكالية إذا غلب ذلك الطبع. بالمقابل، إذا كانت هذه الصور دقيقة وممتعة للسكان فأنا لا أمانع أن يتم تسويق تلك الأحياء على مواقع التواصل
باعتقادي، عندما يتم، بالمعنى الحضري، وصف نمط الحياة بأنه "أعلى جودة" ، فإن المقصود بالأمر بأنه نمط يتميز بالسلاسة ، الراحة ، سهولة الوصول والتنقل، يبعث الفرح والطمأنينة ، يضمن الصحة للسكان و ويتيح الفرص للتفاعلات الاجتماعية و الاتصال بالطبيعة. كون أنه يمكن التعرف عليه على وسائل التواصل قد يجعله أكثر سحراً ، لكن ليس بالضروره أن ذلك السحر يجعله مكاناً أفضل للمعيشة
كثيرا ما نرى أن الأحياء السكنية غالبا ما تكون مقسمة عرقيا أو اقتصاديا. مثل المجمعات السكنية المحروسة المسكونة من قبل المقيمين ذوي الدخل المرتفع التي تتناقض مع عمارات المقيمين ذوي الدخل المحدود. و ذلك ينطبق على السكان المحليين أيضا. برأيك، ما هو تأثير التقسيم على التماسك الاجتماعي، وكيف يمكننا التخطيط للتضامن بشكل عام؟
الفصل يقسم المدينة ولا يسمح بالتماسك، ويجعل كل شريحة أكثر تطرفًا. إذا خصصنا أحياء لذوي الدخل المنخفض (بناء على توفر مساكن منخفضة القيم) ، فإن توفير البنية التحتية والمرافق المجتمعية في ذلك الحي ، مثل المدارس ، سيكون أيضًا منخفض الدخل وبالتأكيد منخفض الجودة أيضا. فعلى المدى الطويل ، سيؤدي ذلك التخطيط إلى تفاقم وضع تلك الأسر ، بدلاً من تسهيل خروجهم من محيط الفقر وانخفاض الدخل
أنا مؤمنة بضرورة الحفاظ على تباين الشرائح و دمجهم معا بأحياء مختلطة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالعرق والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. التنوع يجعل الأحياء أكثر كفاءة وأكثر مساواة بالمقارنة إلى للأحياء الأخرى و يزيد من جاذبية للاستثمارات العامة والخاصة ، مثل الاستثمار بخطوط المواصلات و الحدائق العامة. فتنوع اطياف المستخدمين جاذبا قويا للاستثمارات. و بالاضافة إلى ذلك، غالبا ما تكون تلك الأحياء أكثر فائدة وكفاءة لمستخدميها. فعلى سبيل المثال ، عندما يعيش خباز منخفض الدخل بجانب أسرة ذات دخل مرتفع ، من المرجح أن يستفيد كلاهما من هذا القرب ، بدلاً من الحاجة إلى الانتقال لبعضهما البعض
لقد ذكرت سابقا أن الأماكن العامة في دول الخليج غير مصممة لتكون شاملة للنساء، أي إن المدن "غير آمنة" و "غير مهيئة للنساء للمشي بمفردهن". هل هذا خروج عن الماضي؟ وما الذي يمكن فعله لجعل طرقاتنا أكثر "أمان للمرأة"؟
أعتقد أن الجواب يختلف باختلاف المدن و الثقافات. بالنسبة لمدن الخليج، غالبا ما نرى أن للنساء أنماط حركة مختلفة عن نظائرهم من الرجال. بالنسبة للرجال، غالبا ما تنقسم جداول أعمالهم اليومية إلى جزأين أو ثلاث مجموعات زمنية محددة: "العمل / الأسرة". أما عند النساء تنقسم جداولهم إلى مجموعات زمنية صغيرة وكثيرة تتقطع في نطاق يوم واحد: "العمل / الأسرة / العمل / العائلة الممتدة / المتاجر / الأسرة". قد تكون العديد من هذه الرحلات مصحوبة بأطفالهم أو آبائهم المسنين. لهذا فإن الحراك السلس والكفاءة في الحركة عنصران مهمان بحق للمرأة. كلما كثرت الأحياء ذات الاستخدام المختلط - حيث يمكن الوصول إلى كل من العمل والمدرسة والسوبر ماركت والمنزل على بعد مسافة قصيرة سيرًا على الأقدام أو وسائل النقل العام – كلما كانت الحياة اليومية أكثر راحة وسهولة للمرأه
من أهم فوائد تخطيط المدن المتعددة الاستخدام، هي ما وصفته المخططة جين جاكوبس بعيون على الشارع
إذا تم استخدام منطقة لأغراض متعددة ، فسيظل هناك دائمًا شواهد، يعملون بشكل فعال على مراقبة الشارع يوميًا على مدار الساعة (و لو بدون قصد). فالباعة المتجولين ، على سبيل المثال ، هم الأشخاص الأكثر ثباتاً و مراقبة للشارع و في بعض المدن استغلت الشرطة هذا المورد البشري. إذا سمحنا بمزيد من النشاط و الحركة التجارية في الطرق ، فسوف تشعر النساء والعائلات بالأمان و الراحة في السير على الطرق. عندما يتعلق الأمر بالمتطلبات الأساسية للشوارع الآمنة ، نحتاج إلى إضاءة شوارع مناسبة وأرصفة واسعة وأرصفة لعربات الأطفال والكراسي المتحركة وعلامات إرشادية واضحة. هذه بعض الأمثلة التي يمكن أن نعتمدها لجعل شوارعنا أكثر أمانًا و شمولية وأكثر راحة للمشي
شهد تاريخنا طفرة نفطية دفعت مدننا إلى التوسع بسرعة فائقة. والآن نحن نمر بتحولات آخرى تضمن بناء المزيد من المدن "من الصفر". ما الذي يتعين علينا لتطوير مدن "ناجحة"؟
بناء المدينة هي عملية اجتماعية بقدر ما هي عملية فعلية. يعتمد ذلك على الجانب المادي كإنشاء الطرقات والمباني بجانب الاعتماد على الجانب الروحي كتعزيز الحياة الاجتماعية و طرق التواصل الرسمية وغير الرسمية التي توقظ بدورها الممارسات التي تحل المشاكل الحضرية. إن المدن التي بنيت من الصفر التي شاهدناها في الآونة الاخيرة ركزت حتى الآن بشكل أكبر على الجانب المادي (بناء الطرقات و المباني). في رأيي ، ولسوء الحظ ، فإن الكثير من المحولات تطمح إلى بناء نطاق واسع ولكن تفشل في إكمال ذلك
لكي يتم بناء مدينة من الصفر لتنجح ، فعن نفسي سأبدأ بخطة صغيرة للغاية ، كقرية ذات مراحل نمو مستقبلية تسمح لها بالتحول إلى مدينة. ثم سأركز على ناحية التنمية الاجتماعية ، كجعل التوظيف يدور حول جامعة أو قطاع معين يحقق النمو - مثل صناعة التكنولوجيا الجديدة أو ما إلى ذلك.ثم أضف إلى تلك الوصفة عنصر الوقت
هناك فرق كبير بين القوة والجهد. إذا وضعت هذا الجهد وسمحت للأشياء بالنمو بشكل طبيعي فان مع مرور الوقت ، سترى ان ذلك أقوى بكثير وأكثر استدامة من إجبار مدينة على النمو بين عشية وضحاها. هناك قول مأثور أحبه: "إذا كنت ترغب في بناء مدينة رائعة ، فقم ببناء جامعة كبيرة ثم انتظر 100 سنة". يبدو أن العديد من المدن الجديدة تشبه إلى حد كبير ما قصدته ب"القوة" بدلاً من وضع المجهود وانتظار النمو
أود أيضا التنويه أن الأولوية يجب أن تعطى للترميم والصيانة بدلا عن البناء من الصفر. هناك الكثير من المناطق والمدن القديمة التي تشمل الإمكانيات المادية والجوانب الاجتماعية كالشعور القوي بالهوية، ولكن نراها أشبه ما تكون بالمهملة. تنمية هذه المدن يقتل طائرين في حجر واحد وهناك العديد من الطرق المبتكرة للقيام بذلك
ما هو برأيك الطريق الأمثل نحو تجديد المدن والأحياء القديمة؟ ما هي الاستراتيجيات المبتكرة التي تعتقدين أنها قد تنجح في الخليج؟
هناك فوائد هائلة تنتج عن التجديد الحضري لم تحققه منطقة الخليج بعد، وهذا مجال أنا شخصياً مهتمة به للغاية. انظري الى موضوع الإقامة: كم عدد المنازل التي بقيت شاغرة بعد انتقال سكانها إلى مكان جديد؟ فكري في المنزل الذي نشأت فيه، والمنازل التي زرتيها بشكل متكرر كطفلة. كثير من هذه المنازل القديمة غير مستغلة حاليا ، وفي بعض الحالات ، تم التخلي عنها تماما. ما زلنا لا نملك ثقافة شراء الممتلكات القديمة وتحسينها ، وبدلاًعن ذلك نرى غالبية ملاك المنازل الجدد يفضلون شراء المنازل حديثة البناء أو يبنون منازلهم من الصفر
على نطاق أوسع، هناك مراكز تسوق قديمة و مجمعات مكاتب من السبعينيات أصبحت عاطلة عن العمل اليوم. و أكثر بعدا، فإننا نرى ان الأحياء التاريخية التي تعود إلى مئات السنين ، مثل مدينة البلد في جدة غالباً ما يتم هدمها أو التخلي عنها بدلاً من تجديدها. ويؤدي هذا النمط الاستهلاكي إلى مركز مدينة فارغ (مجوف) ، والمزيد من التوسع الحضري الذي ينتج عنه فقدان الهوية والتراث المعماري ، و اضمحلال الأحياء القديمة التي تشهد انحدارًا اجتماعيًا وجسديًا.هذا يحتاج إلى التغيير في أسرع وقت ، ومن أجل القيام بذلك ، نحتاج إلى تطوير سياسة حضرية ذكية تحفز الناس على البقاء وتحسين الأحياء القائمة
تميل الأحياء القديمة المهملة إلى المعاناة من صورة مزدحمة وملوثة ، لذا فإن إحدى الاستراتيجيات الرئيسية هي توفير طرق بديلة للنقل العام لخفض التلوث ، وممرات الحافلات الموثوقة وطرق الدراجات ، بالإضافة إلى تزيين الشوارع بالاشجار والغطاء النباتي و تصميم أنواع جديدة من المساحات المفتوحة ، مثل أسطح المنازل وساحات الفناء. و بغض النظر عن تحسين شكل و كفاءة الأحياء القديمة ، فإن التجديد له تأثير مماثل على التنمية الاجتماعية والاقتصادية. لذلك نحن بحاجة إلى استراتيجيات تضمن تنمية مجتمعية طويلة الأجل، وتضع النمو الاقتصادي المحلي في صميم خطط التجديد ، كالاستثمار بالمهارات الموجودة في تلك المناطق ، وتطوير التجارة بطرق تستغل تلك المهارات. أخيرا ، نحن بحاجة إلى تقدم كبير في مجال البناء و بناء مهارات الحفظ والتجديد اللازمة بين العمال